ما حكم من مات من الموحدين مصرا على كبيرة ؟

قال الله عز وجل (( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )) وقال تعالى (( والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون )) وقال تعالى (( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء )) الآية ، وقال تعالى (( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون )) وقال (( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )) وقال تعالى (( يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )) وغير ذلك من الآيات, وقال النبي صلى الله عليه وسلم (( من نوقش الحساب عذب فقالت له عائشة رضي الله عنها أليس يقول الله فسوف يحاسب حسابا يسيرا ، قال بلى إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب عُذب )) وقد قدمنا من النصوص في الحشر وأحوال الموقف والميزان ونشر الصحف والعرض والحساب والصراط والشفاعات وغيرها ما يعلم به تفاوت مراتب الناس ,وتباين أحوالهم في الآخرة بحسب تفاوتهم في الدار الدنيا في طاعة ربهم ,وضدها من سابق ومقتصد وظالم لنفسه ;إذا عرفت هذا فاعلم أن الذي أثبتته الآيات القرآنية والسنن النبوية ودرج عليه السلف الصالح والصدر الأول من الصحابة والتابعين هم بإحسان من أئمة التفسير والحديث والسنة أن العصاة من أهل التوحيد على ثلاث طبقات: الأولـى: قوم رجحت حسناتهم بسيئاتهم فأولئك يدخلون الجنة ولا تمسهم النار أبدا. الثانيـة: قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار, وهؤلاء هم أصحاب الأعراف الذين ذكر الله تعالى أنهم يوقفون بين الجنة والنار ما شاء الله أن يوقفوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة كما قال تعالى بعد أن أخبر بدخول أهل الجنة وأهل النار وتناديهم فيها قال (( وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون * وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين )) - إلى قوله – (( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون (( الطبقة الثالثة: قوم لقوا الله تعالى مصرين على كبائر الإثم والفواحش ومعهم أصل التوحيد والإيمان فرجحت سيئاتهم بحسناتهم فهؤلاء هم الذين يدخلون النار بقدر ذنوبهم فمنهم من تأخذه إلى كعبيه ,ومنهم من تأخذه إلى أنصاف ساقيه ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه حتى أن منهم من لم يحرم الله منه على النار إلا أثر السجود وهذه الطبقة هم الذين يأذن الله تعالى في الشفاعة فيهم لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولغيره من بعده من الأنبياء والأولياء والملائكة ومن شاء الله أن يكرمه , فيحد لهم حدا فيخرجونهم ثم يحد لهم حدا فيخرجونهم ثم هكذا فيخرجون من كان في قلبه وزن دينار من خير, ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار من خير ثم من كان في قلبه وزن برة من خير, إلى أن يخرجوا منها من كان في قلبه وزن ذرة من خير إلى أدنى من مثقال ذرة إلى أن يقول الشفعاء ربنا لم نذر فيها خيرا ولم يخلد في النار أحد ممن مات على التوحيد ,ولو عمل أي عمل, ولكن كل من كان منهم أعظم إيمانا وأخف ذنبا كان أخف عذابا في النار وأقل مكثا فيها وأسرع خروجا منها, وكل من كان أعظم ذنبا وأضعف إيمانا كان بضد ذلك, والأحاديث في هذا الباب لا تحصى كثرة وإلى ذلك أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (( من قال لا إله إلا الله نفعته يوما من الدهر يصيبه قبل ذلك ما أصابه )) وهذا مقام ضلت فيه الأفهام وزلت فيه الأقدام ,واختلفوا فيه اختلافا كثيرا (( فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )). (( من كتاب أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة ، للعلامة حافظ الحكمي ))

Comments